بسم الله الرحمن الرحيم
لقد ورد في القرآن الكريم بعض الألفاظ التي تعتبر سب لمن يستحقها من الناس وذلك ضمن سلسلة النقاشات والمناظرات التي كانت الغاية منها إيصال الحجة الى الناس كافة لكن الذين يستحبون العمى على الهدى والذين لا يحكمون عقولهم والذين يدعون أشياء عظيمة ليس من حقهم هؤلاء يصفهم القرآن الكريم بالأنعام والبهائم وغيرها من الصفات المذمومة والقبيحة بل إن أكثرهم لا يسمعون ولا يعقلون فهم ليسوا إلا كالأنعام والبهائم في أنها لا تعقل ولا تسمع إلا اللفظ دون المعنى ويشير الى هذا المعنى ما ورد في سورة الفرقان حيث قال تعالى : {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً }الفرقان44
نعم فالذين فقدوا ما يتميز به الإنسان من سائر الحيوان , وهو تميز الخير والشر والنافع والضار بالنسبة الى الحياة الإنسانية السعيدة من طريق السمع والبصر والفؤاد ... وأما كونهم أكثر وأشد ضلالاً من الأنعام , ولازمه ثبوت ضلال ما في الأنعام فلأن الضلال في الأنعام نسبي غير حقيقي فإنها مهتدية بحسب ما لها من القوى المركبة الباعثة لها الى قصر الهمة في الأكل والتمتع غير ضالة فيما هيئت لها من سعادة الحياة ولا مستحقة للذم فيما أخذت إليه , وإنما تعد ضالة بقياسها الى السعادة الإنسانية التي ليست لها ولا جهزت بما تتوسل به إليه . وأما هؤلاء المطبوع على قلوبهم وأعينهم وآذانهم فالسعادة سعادتهم وهم مجهزون بما يوصلهم إليها ويدلهم عليها من السمع والبصر والفؤاد لكنهم أفسدوها وضيعوا أعمالها ونزلوها منزلة السمع والبصر والقلب التي في الأنعام ... وإلى هذا يشير ما ورد في سورة الأعراف حيث قال تعالى : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179
وكذلك قال الله تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ}محمد12
وكذلك جاء في وصف الذي حملوا التوراة ثم لم يحملوها أنهم كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا... حيث قال تبارك وتعالى : {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }الجمعة5
ما جاء في قول أمير المؤمنين (عليه السلام) للأشعث بن قيس وهو على منبر الكوفة يخطب فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشعث فقال يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك فخفض (عليه السلام) بصره إليه فقالما يدريك وما عليّ مما لي عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين. حائك أبن حائك منافق أبن كافر، والله لقد أسرك الكفر مرة والإسلام أخرى.. فما فداك من واحدة منهما مالك ولا حسبك. وإن امرأً دل على قومه السيف وساق إليهم الحتف، الحري إن يمقته الأقرب ولا يأمنه الأبعد..)
فاللعن والسب قد يكون من الأمور التي فيها النصرة الحقيقية للإسلام والدين الحنيف خاصة إذا كان عدو الدين يدعي العصمة ويدعي أنه سوف يؤذي الذين يسبونه ويشتمونه ويلعنونه فيكون السب واللعن له دليلاً واقعياً على كذب دعواه وفسادها , أقول ولو كان اسلوب السب واللعن لمن يستحقه ولمن هو أهله مرفوض شرعاً لنهى عنه الشارع المقدس بل نرى في إستعمالات المولى الشرعي هذا الأسلوب لأهل الباطل وأهل الضلالة ...
وكما ورد في واقعة الطف إستعمال هذا الأسلوب من أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام ) ولم يُنهِ الإمام أصحابه عن هذا الأسلوب حيث جاء في الخبر أنه عندما قام عبد الله بن عمير الكلبي من (بني عليم) وكنيته أبو وهب ... فقالا له (يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله بن زياد ) لا نعرفك ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير . وكان يسار قريباً منه , فقال له )) يابن الزانية أوبك رغبة على مبارزتي ...))
وكذلك عندما خطب زهير بن القين بالقوم ورماه الشمر بسهم وقال اسكت , اسكت الله نامتك ,أبرمتنا بكثرة كلامك فقال زهير يا بن البوال على عقبيه ما إياك أخاطب إنما أنت بهيمة)
وتكون النقاش من عدة مراحل :
المحلة الأولى :نناولنا من خلالها المناظرات التي جرت مع المدعو بن الحسن وقد أثبت من خلالها الأخيار الأنصار بالدليل والأسلوب العلمي والأخلاقي والشرعي بطلان دعوته جملة وتفصيلا ومنه على سبيل المثال لا الحصر مناقشة الرواية التي زعموا أنها وردت عن الرسول (صلى الله عليه وآله )
حيث ان هذه الرواية ضعيفة من ناحية السند حيث انها مرسلة اذ ذُكرت عن جماعة وهذه الجماعة غير معروفة وأيضا ان الرواة المذكورة أسمائهم مجاهيل بمعنى ان كتب الرجال لم تذكرهم او ذكرتهم ولم توثقهم وهم كل من(( علي بن الحسين ، أحمد بن محمد بن الخليل ، جعفر بن أحمد المصري ، عمه الحسن بن علي ، أبيه))
دلالة الرواية
أما من ناحية الدلالة فان الرواية تنص على إن أول المؤمنين يستلم من الإمام المهدي(عليه السلام) عندما تحضره الوفاة,أي بعد ظهوره وحكمه ,وهذا ما لا يقول به احمد بن الحسن نفسه اذ انه يدعي انه رسول الإمام (عليه السلام).كما ان متن الرواية لا يخلو من الخدشة الواضحة اعرضنا عنها للتسهيل على القارئ ولكفاية ما اوردناه في المقام في ابطال هذه الرواية.
المرحلة الثانية :
وكان النقاش في هذه المرحلة يعطي طابع وأسلوب يختلف نوعاً ما عن الأسلوب في المرحلة الثانية وكان ذلك وفق الموارد الشرعية الواردة عن أهل بيت العصمة (عليهم السلام) والتي أثبت فيها الأخيار الأنصار كذب وتناقض وخداع المدعي ومنها على سبيل المثال لا الحصر :
لقد ذكر المدعو (احمد الحسن) في بحثه الذي بعنوان ( نصيحة إلى طلبة الحوزة وكل من يطلب الحق ) رواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) [ يكون لصاحب هذا الأمر غيبة في بعض هذه الشعاب ـ وأومئ بيده إلى ناحية ذي طوى حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه حتى يلقى بعض أصحابه فيقول كم انتم ها هنا ؟ فيقولون نحو من أربعين رجلا فيقول كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم ؟ فيقولون والله لو ناوى بنا الجبال لناويناها معه ثم يأتيهم من القابلة ويقول أشيروا إلى رؤسائكم أو خياركم عشرة فيشيرون له إليهم فينطلق بهم حتى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة التي تليها .))الغيبة للنعماني ص 187
وأراد بهذه الرواية أن يثبت إن الإمام المهدي (عليه السلام) يرسل السفراء في زمن الغيبة الكبرى !!!
أقول : يوجد عدة تعليقات على هذا الادعاء :
التعليق الأول : انه حذف تكملة الرواية التي أوردها من كتاب الغيبة للنعماني
التعليق الثاني : إن تكملة الرواية هو((.. ثم قال أبو جعفر (عليه السلام) والله لكأني أنظر إليه وقد اسند ظهره إلى الحجر فينشد الله حقه ثم يقول يا أيها الناس من يحاجني في الله فانا أولى الناس بالله ..........)) وفي هذه التكملة للرواية قرينة على إن زمن مجيء ا لمولى هو قبيل ظهور الإمام المهدي (عليه السلام ) لا في زمن الغيبة الكبرى أي في زمن خروجه والدليل على ذلك إسناد ظهر الإمام إلى الحجر ..
التعليق الثالث : حتى مع حذف التكملة للرواية فيوجد دليل على إن المقصود هو قبيل الظهور لا قبل بفترة طويلة كما يطبق ذلك على نفسه ولم نسمع إن الإمام ظهر عندما خرج (احمد الحسن) والدليل هو الذي ذكره بنفسه حيث ذكر في الرواية ((.....حتى إذا كان قبل خروجه أتى المولى الذي كان معه ........)) و ((....حتى يلقوا صاحبهم ويعدهم الليلة التي تليها ...)) انظر أيها القارئ المنصف النبيه إلى الفترة القصيرة على مجيء المولى حيث عندما يأتي إليهم في الليلة التي تليها يعدهم ويهيئهم وهذا دليل على بطلان هذه الدعوى التي يدعيها المدعو
وفي هذا المقام أنصحك أيها المدعو كفاك خداعا ولف دوران في الروايات حتى تخدع الناس المساكين الذي تربطهم العاطفة بالإمام المهدي(عليه السلام) فبأي وجه تلقى الله والمعصومين (علبهم السلام)
وأنت أحكم بنفسك ايها القارئ المنصف صحة ما يدعي بدون أي حجة وبرهان ...!!!
لمرحلة الثالثة :
بعد أن أعمى الله قلبه وبصره وبعد كل هذا النقاش والأدلة بقى على عناده وتكبره وضلاله ولم يهتدي الى الصواب والى الطريق المستقيم فما كان من الأنصار الأخيار إلا أن إنتهجوا اسلوب آخر لكي يثبتوا من خلاله زيف إدعائه وبطلانه وفسوقه , مع ملاحظة أدعائه العصمة وأن الذي يتكلم عنه بسوء وتجريح سوف يؤذيه (يشور به) فأراد الأخيار الأنصار إثبات بطلانه عن طريق المباهلة وعن طريق النصرة الإبراهيمية المؤمنة شرعاً نعم أرادوا إثبات ذلك واقعاً , ولم يجدوا من المدعي الأذية بل إن الله وفقهم لكل خير وتم إقتطاف الثمار والنصر الحقيقي إثبات كذب وزيغ المدعي وجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا
ومن هذه المباهلات التي حصلت على يد المؤمن (أبو هادي ) في المركز الإعلامي المبارك لسماحة السيد الحسني (دام ظله) وإليك بعضاً منها :
في شهادة الرسول ......... لعنة الله عليك بن كاطع يا من تدعي العصمة كذباً يا دجال يا شيطان
يا فاسق يا فاجر يا ضال يا مضل في الشتاء والربيع يا دجال يا فاسق يا فاجر يا ضال يا مضل واللعن الدائم عليك الى يوم الدين ))
قال رسول الله (ص): " من القى جلباب الحياء من وجهه فلا غيبة له ". وقال (ص): " ليس لفاسق غيبة. قال رسول الله (ص): " أترعوون عن ذكر الفاجر حتى لا يعرفه الناس؟ اذكروه بما فيه يحذره الناس ".
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه المنتجبين